كـــامل الشـــابي يكتب: كنوز من الذكر (7)
الكنز السابع عشر (الإستغفار) كـــامل الشـــابي يكتب: كنوز من الذكر (7)
لايوجد إنسان في هذه الحياة إلا ويعاني من مشاكل عديدة متنوعة، ويبحث كل منا عن حل لمشاكله بطرق مختلفة وينفق الأموال ويهدر الوقت ليتخلص من آلام نفسية أو جسدية، ويلجأ إلي المختصين في جميع نواحي الحياة ليجدوا له مخرجآ مما يعانيه، وقد يصل إلي هدفه أو يفشل، ولكن يغفل الإنسان عن حل سحري مؤكد لكل مشاكله ومفتاح لكل أبواب السعادة في الدنيا والآخرة ألا وهو الإستغفار.
وقد يتعجب البعض من مصداقية هذا الكلام، وربما ينظرون إليه كنوع من أنواع “الدروشة” البعيد عن المنطق ولا يهضمه العقل. وأحب أن أوضح أن الذي يردد دائمآ عبارة “أستغفر الله” يكون في حصن من وساوس الشيطان ويحرص بفضل ملازمته للاستغفار علي عدم الوقوع فيما يغضب الله، ويتقي الله في أقواله وأفعاله، ويدخل في زمرة المتقين الذين وعدهم الله في هذه الآية الكريمة بالفرج والرزق الكثير.
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) الطلاق (2-3)
والإستغفار دواء لكل داء وله الكثير من الفوائد العظيمة في الدنيا والآخرة:
- بالإستغفار يكون الإنسان في أمان من عقوبة الله وعذابه، ومن منا لا يسعي ليفوز بمرضاة الله ويكون من السعداء في الدنيا والآخرة؟
يقول الله تعالي (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) الأنفال (33)
- والإستغفار مغفرة للذنوب وسبب لتفريج الهموم والكروب ووسيلة لجلب الرزق والذرية .
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ” رواه أبو داود (1518) وابن ماجه (3819)
وقال الله تعالى : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10
- بالاستغفار يزداد المستغفر قوة وعافية وتنفتح له كل أبواب الرحمة والبركات.
(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ) هود (52)
- الاستغفار وسيلة لجلب الرزق والسعة، وبفضله يبسط الله عليكم من الدنيا ويرزقكم من زينتها.
(وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى) هود (3)
عن بلال بن يسار بن زيد مولي النبي صلي الله عليه وسلم قال: سمعت أبي يحدثنيه عن جدي أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:من قال: “أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غُفر له وإن كان قد فرَ من الزحف”.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:” والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة”.
وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول:”طوبي لمن وجد في صحيفته استغفارآ كثيرآ”.
وعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم سيد الاستغفار أن تقول:”اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وعلي عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .. قال ومن قالها من النهار موقنآ بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة”. (صحيح البخاري:19/363)
ويقول ابن كثير رحمه الله: من اتصف بهذه الصفة – أي صفة الاستغفار- يسر الله عليه رزقه، وسهل عليه أمره، وحفظ عليه شأنه وقوته.
ويقول ابن تيمية: إن المسألة تُغلق علي فاستغفر الله ألف مرة أو أكثر أو أقل فيفتحها الله علي.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو نزلت صاعقة من السماء ما أصابت مستغفر.
وقال أبو عبد الله جعفر الصادق رضي الله عنه : من استبطأ رزقه فليكثر من الاستغفار.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : عجبت لمن يهلك والنجاة معه. قيل: وماهي. قال: الاستغفار.
واستطال رجل علي أبي معاوية الأسود- رحمه الله تعالي- فقال: أستغفر الله من الذنب الذي سلطت به علي.
وأفضل الأوقات لهذا الذكر العظيم ماكان في وقت السَحَر.. يقول الله تعالي (والمستغفرين بالأسحار) آل عمران (17) .. ويقول تعالي (وبالأسحار هم يستغفرون) الذاريات (18)
أخي الكريم .. بعد كل ماتقدم يتبين لنا أن الاستغفار كنز الحياة.. به تتحقق الأمنيات وتستقر الطمأنينة في القلب، فاحرص علي المداومة عليه واجعل لنفسك وردآ يوميآ من الاستغفار لتنعم بالسعادة والسكينة والاستقرار.